خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا |
وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا |
رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى |
دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا |
ولمّا سلّّت البيضُ المواضي |
تقلدنا لها الحقَّ الصراحا |
فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا |
إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا |
وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى |
وندفع عن جوانيه الرياحا |
نعالج شدة ً، ونروض أخرى |
ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا |
ونستولي على العقبات إلا |
كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا |
ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي |
على الأَيام قد صار اقتراحا |
وأَيامٍ كأَجواف الليالي |
فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا |
قضيناها حيالَ الحربِ نخشى |
بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا |
تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا |
من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى |
جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم |
بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا |
ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ |
ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا |
ترى أسرى وما شهدوا قتالاً |
ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا |
وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي |
بما عمل الجواسيسُ اجتراحا |
صباحُك كان إقبالاً وسعداً |
فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا |
وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ |
ولا برهانَ عزتك التماحا |
تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ |
بها التاريخُ يفتتح افتتاحا |
جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى |
ونورك عن هلالِ الفطر لاحا |
هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا |
ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا |
بعثنا فيك هاروناً وموسى |
إلى فرعونَ فکبتَدَآ الكفاحا |
وكان أعزَّ من روما سيوفاً |
وأطغى من قياصرها رماحا |
يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ |
يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا |
وردَّ المسلمون فقيل: خابوا |
فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا! |
أَثارت وادياً من غايَتَيْه |
ولامت فرقة ً وأستْ جراحا |
وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍ |
عزائمهم فردَّتْها صِحاحا |
كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ |
فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا |
كأَن الناس في دينٍ جديدٍ |
على جنباته استبَقوا الصلاحا |
وقد هانت حياتهمُ عليهم |
وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا |
فتسمع في مآتمهم غناءً |
وتسمع في ولائمهم نُواحا |
حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ |
إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا |
فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً |
تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا |
لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ |
فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا |
ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً |
وتحسب جدَّهم فيها مزاحا |
جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا |
على الخلدِ الثناءَ والامتداحا |
يميناً بالتي يسعى إليها |
غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا |
وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً |
وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا |
وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ |
نرى فيه السلامة َ والفلاحا |
أَخذناه على المُهَجِ الغوالي |
ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا |
بنينا فيه من دمعٍ رواقاً |
ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا… |
… لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ |
ولا جعل الحياة َ لهم طماحا |
سلواعنه القضية َ، هل حماها |
وكان حمى القضية ِ مستباحا؟ |
وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً |
وألف من تجاربهم رداحا؟ |
هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت |
من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا |
وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً |
إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا |
فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي |
وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى |
ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً |
ولا غضَّت لك الدنيا صياحا |