كلمات قصيدة أدركت فجر الحياة أعمى للشاعر أبو القاسم الشابي

أَدركتَ فَجْرَ الحَيَاةِ أَعمًى – وكنتَ لا تَعْرِفُ الظَّلامْ
فأَطْبَقَتْ حَوْلَكَ الدَّياجِي – وغامَ مِنْ فوْقِكَ الغَمَامْ
وعِشْتَ في وَحْشَةٍ تُقاسي – خواطراً كلّها ضرامْ
وغُرْبَة مَا بِها رَفيقٌ – وظلمةٍ مَا لها خِتامْ
تشقُّ تِيهَ الوُجُودِ فرداً – قَدْ عضَّكَ الفَقْرُ والسُّقَامْ
وطارَدَتْ نَفْسَكَ المآسي – وفَرَّ مِنْ قَلْبِكَ السَّلامْ
هوِّنْ على قلبك المعنَّى – إنْ كُنْتَ لا تُبْصِرُ النُّجُومْ
ولا ترى الغابَ وهو يلغو – وفوقه تَخْطُرُ الغُيومْ
ولا ترى الجَدْوَلَ المغنِّي – وحَوْلَهُ يَرْقُصُ الغيمْ
فكلُّنا بائسٌ جديرٌ – برأْفَةِ الخَالقِ العَظيمْ
وكلُّنا في الحَيَاةِ أعمى – يَسُوقهُ زَعْزَعٌ عَقِيمْ
وحوله تَزْعَقُ المنايا – كأنَّها جنَّةُ الجَحِيمْ
يا صاحِ إنَّ الحَيَاة قفرٌ – مروِّعٌ ماؤهُ سَرَابْ
لا يجتني الطَّرْفُ منه إلاَّ – عَواطفَ الشَّوْكِ والتُّرابْ
وأَسعدُ النَّاس فيه أَعمى – لا يُبْصِرُ الهول والمُصَابْ
ولا يرى أَنْفُسَ البرايا – تَذُوبُ في وقْدَةِ العَذَابْ
فاحمد إِلهَ الحَيَاةِ واقنعْ – فيها بأَلْحانِكَ العِذَابْ
وعِشْ كما شاءَتِ اللَّيالي – مِنْ آهَةِ النَّايِ والرَّبَابْ
قصيدة لشاعر الخضراء أبو القاسم الشابي

مقالات اخري قد تعجبك ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *