بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى |
والظلّ، والأَضْواءِ، والأنغامِ |
بيتٌ، من السِّحرِ الجميلِ، مشَيَدٌ |
للحبِّ، والأحلامِ، والالهامِ |
في الغابِ سِحْرٌ، رائعٌ متجدِّدٌ |
باقٍ على الأَيامِ والأعْوامِ |
وشذًى كأجنحة الملائكِ، غامضٌ |
سَاهٍ يُرفرف في سُكونٍ سَامِ |
وجداولٌ، تشْدو بمعسول الغِنا |
وتسيرُ حالمة ً، بغيرِ نِظَامِ |
ومخارفٌ نَسَجَ الزمانُ بساطَها |
من يابسِ الأوراقِ والأكمامِ |
وَحَنَا عليها الدّوّحُ، في جَبَرُوتِهِ |
بالظلِّ، والأغصان والنسام |
في الغاب، في تلك المخارف، والرُّبى |
وعلى التِّلاع الخُضرِ، والآجامِ |
كم من مشاعرِ، حلْة ٍ، مجْهولة ٍ |
سَكْرَى ، ومِنْ فِكَرٍ، ومن أوهامِ |
غَنَّتْ كأسرابِ الطُّيورِ، ورفرفت |
حولي، وذابتْ كالدّخان، أمامي |
ولَكَمْ أَصَخْتُ إلى أناشيد الأسى |
وتنهُّدِ الآلام والأسقامِ |
وإلى الرياحِ النائحاتِ كأنّها |
في الغاب تبكي ميِّت الأيَّامِ |
وإلَى الشبابِ، مُغَنَّياً، مُتَرَنِّماً |
حوْلي بألحان الغَرامِ الظَّامي |
وسمعتُ للطير، المغرِّد في الفضا |
والسِّنديانِ، الشامخ، المتَسامي |
وإلى أناشيد الرّعاة ِ، مُرِفَّة ً |
في الغاب، شَادية ً كسِرْبِ يَمامِ |
وإلى الصّدى ، المِمراح، يهتفُ راقصاً |
بين الفِجَاجِ الفيحِ والآكامِ |
حتى غَدَا قلبي كنَايٍ، مُت}رَع |
ثَمِلٍ من الألحان والنغامِ |
فَشَدَوْتُ باللَّحنِ الغَريب مجنَّحاً |
بكآبة ِ الأحلامِ والآلامِ |
في الغاب، دنيا للخيال، وللرُّؤى |
والشِّعرِ، والتفكيرِ، والأحلامِ |
لله يومَ مضيتُ أوّلَ مرّة ٍ |
للغابِ، أرزحُ تحت عبءِ سَقامي |
ودخَلتُه وحدي، وحوْلي موكبٌ |
هَزِجٌ، من الأحلامِ والأوهامِ |
ومشيْتُ تحت ظِلاله مُتَهَيِّباً |
كالطفل، في صضمتٍ، وفي استسلامِ |
أرنو إلى الأّدْوَاحِ، في جبروتها |
فإخَالُها عَمَدَ السَّماءِ، أمامي |
قَد مسَّها سِحْرُ الحياة ، فأوْرَقَتْ |
وتَمَايَلَتْ في جَنَّة ِ الأحلامِ |
وأُصِيخُ للصّمتِ المفكّر، هاتِفاً |
في مِسْمعي بغرائب الأنغامِ |
فإذا أنا في نَشْوَة ٍ شعرّية ٍ |
فَيَّاضة ٍ بالوحي والإلهامِ |
ومشاعري في يقظة ٍ مسحورة ٍ |
……. |
وَسْنَى كيقظة ِ آدَمٍ لمَّا سَرَى |
في جسمه، رُوحُ الحياة ِ النّامي |
وشَجَتْه مْوسيقى الوجودِ، وعانـ |
ـقتُ أحلامَهُ، في رِقّة ٍ وسلامِ |
ورأى الفَراديسَ، الأَنيقة َ، تنثني |
في مُتْرَفِ الأزهار والكمامِ |
ورأى الملائكَ، كالأشعَّة في الفَضَا |
تنسابُ سابحة ً، بغير نظامِ |
وأحسّ رُوحَ الكون تخفقُ حوله |
في الظِّلِّ، والأضواءِ، والأنسامِ |
والكائناتِ، تحوطُهُ بِحَنَانها |
وبحبِّها، الرَّحْبِ، العميقِ، الطَّامي |
حتى تملأَ بالحياة كِانُه |
وسَعى وراءَ مواكبِ الأيامِ |
ولَرُبَّ صُبْحٍ غائمٍ، مُتَحجِّبٍ |
في كِلَّة ٍ من زَعْزَعٍ وغَمامِ |
تتنفَّسُ الدُّنيا ضَباباً، هائماً |
مُتدفِّعاً في أفْقه المُترامي |
والرِّيحُ تخفقُ في الفضاءِ، وفي الثَّرى |
وعلى الجبال الشُّمِّ، والآكام |
باكَرْتُ فيه الغابَ، مَوْهُونَ القُوى َ |
متخاذِلَ الخُطُواتِ والأَقدامِ |
وجلستُ تحتَ السّنديانة ِ، واجماً |
أرنو إلى الأفُق الكئيب، أمامي |
فأرى المبانيَ في الضباب، كأنها |
فِكْرٌ، بأرضِ الشَّكِّ والإبهامِ |
أو عَالَمٌ، ما زال يولَدُ في فضا |
الكونِ، بين غياهبٍ وسِدامِ |
وأرى الفجاجَ الدامساتِ، خلالَه |
ومشاهدَ الوديان والآجامَ |
فكأنها شُعَبُ الجحيم،رهيبة ُ |
ملفوفَة في غُبشة ٍ وظَلامِ |
صُوَرٌ، من الفنِّ المُرَوِّعِ، أعجزت |
وَحْيَ القريضِ وريشة َ الرسّامِ |
وَلَكَمْ مَسَاءٍ، حَالمٍ متوَشِّحٍ |
بالظّلِ، والضّوءِ الحزين الدامي |
قدْ سِرْتُ في غابي، كَفِكرٍ، هَائمٍ |
في نشوة ِ الأحلام والإلهامِ |
شَعَري، وأفكاري، وكُلُّ مشاعري |
منشورة ٌ للنُّور والأنسام |
والأفق يزخَرُ بالأشعَّة ِ والشَّذَى |
والأرضُ بِالأعشابِ والأكمامِ |
والغابُ ساجٍ، والحياة ُ مصيخة ٌ |
والأفقُ، والشفقُ الجميلُ، أمامي |
وعروسُ أحلامي تُداعبُ عُودَها |
فيَرنُّ قلبي بالصَّدَى وعِظامي |
روحٌ أنا، مَسْحُورة ٌ، في عَالمٍ |
فوق الزمان الزّاخر الدَّوَّامِ |
في الغابِ، في الغابِ الحبيبِ، وإنَّه |
حَرَمُ الطَّبيعة ِ والجمالِ السَّامي |
طَهَّرْتُ فينار الجمال مشاعِري |
ولقِيتُ في دنيا الخيال سَلامي |
ونسيتُ دنيا النّاس، فهي سخافة ٌ |
سَكْرَى من الأَوهامِ والآثامِ |
وَقَبسْتُ من عَطْفِ الوجود وحُبِّه |
وجمالهِ قبساً، أضاءَ ظلامي |
فرأيتُ ألوانَ الحياة ِ نضيرة ً |
كنضارة ِ الزّهرِ الجميلِ النّامي |
ووجدتُ سحْرَ الكون أسمى عنصراً |
وأجلَّ من حزني ومن آلامي |
فأهَبْتُ ـ مسحورَ المشاعر، حالماً |
نشوانَ ـ بالقلب الكئيب الدّامي |
المعبدُ الحيُّ المقدَّسُ هاهنا |
يا كاهنَ الأحزان والآلامِ |
فاخلعْ مُسُوحَ الحزنِ تحت ظِلالِهِ |
والبسْ رِدَاءَ الشِّعرِ والأَحلام |
وارفعْ صَلاَتكَ للجمالِ، عَميقة ً |
مشبوبة ً بحرارة الإلهامِ |
واصدحْ بألحان الحياة ، جميلة ً |
كجمال هذا العالم البسَّامِ |
واخفقْ مع العِطْر المرفرفِ في الفضا |
وارقصْ مع الأضواء والأنسامِ |
ومعَ الينابيعِ الطليقة ِ، والصَّدَى |
…… |
وَذَرَوْتُ أفكاري الحزِينة َ للدّجى |
ونَثَرْتُها لِعَواصِفِ الأَيَّامِ |
ومَضَيْتُ أشدُو للأشعَّة ِ ساحراً |
من صوت أحزاني، وبطش سقامي |
وهتفتُ: “ياروحَ الجمالِ تدَفَّقِي |
كالنَّهرِ في فِكرِي، وفي أحْلامي |
وتغلغلي كالنّور، في رُوحي التي |
ذَبُلتْ من الأحزان والآلامِ |
أنتِ الشعورُ الحيُّ يزخرُ دافقاً |
كالنّار، في روح الوجودِ النَّامي |
ويصوغ أحلامَ الطبيعة ِ، فاجعـ |
ـلي عُمري نشيداً، ساحِرَ الأتغامِ |
وشذًى يَضُوعُ مع الأشعَّة ِ والرُّؤى |
في معبد الحق الجليل السامي |